أحمد السلامي: التجربة الشعرية اليمنية لا تقل أهمية عن أي تجربة شعرية عربية

في أكتوبر 2007

محمد الحمامصي من القاهرة: تعد تجربة الشاعر اليمني أحمد السلامي واحدة من التجارب المهمة في المشهد الشعري اليمني، حيث استطاع الشاعر أن يحقق لها تميزا في اللغة والأسلوب والرؤية لتشكل نسيجا خاصا به،كما يعد السلامي واحدا من أنشط الشعراء بمتابعاته للتجربة الشعرية اليمنية وقراءته لها بعين إبداعية ونقدية في كتابه النقدي المهم (هوامش علي المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن) وأعماله الشعرية (ارتباك الغريب) و(حياة بلا باب)، وقد أختير أخيرا اختير سفيرا للشعر اليمني لدى حركة شعراء العالمكما يدير موقعا إلكترونيا بعنوان عناوين ثقافية يتابع فيه الكتابات الجديدة وتجلياتها يمنيا وعربيا.. والسلامي من مواليد صنعاء 1972 وعضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. وفي هذا الحوار معه نتعرف إلي رؤيته للتجربة الشعرية اليمنية ومشكلاتها.

* برأيك ما هي أهم المشكلات التي تعاني منها التجربة الشعرية اليمنية الحديثة؟
** أعتقد أن التجربة الشعرية اليمنية في اللحظة الراهنة تعاني من مشكلتين، الأولى تتعلق بالرتابة التي يحدثها التصالح والتعايش العجيب بين مختلف الأشكال الشعرية، فالقصيدة العمودية تزاحم قصيدة النثر علي منصة الإلقاء في حالة تعكس ـ ربما ـ ما تعيشه البلاد عموما من تعايش الحياة الاستهلاكية المدنية المعاصرة وتجاورها مع البنية الاجتماعية التقليدية التي ما تزال قائمة، بمعنى أن التصالح القائم بين الجديد والقديم لم يخلق سوى الركود والسير بالعربة الشعرية في أكثر من اتجاه في وقت واحد. أما المشكلة الثانية للتجربة الشعرية اليمنية الحديثة فهي عدم خروجها إلي المحيط العربي وتقوقعها داخل اليمن مما يجعل النظرة العربية إليها ممزوجة بالتساؤلات البدائية حول طبيعة هذه التجربة وملابساتها رغم أنها لا تقل أهمية عن أي تجربة شعرية عربية في اللحظة الراهنة سواء من حيث حجم المنتج الشعري أو من حيث نوعيته.

* لكن المشهد الشعري اليمني يكاد يكون مجهولا في العديد من الأقطار العربية، ما الأسباب وراء ذلك وما السبيل لتجاوزها؟
** المشاهد الشعرية العربية بشكل عام تعاني من إشكالية الانعزال القطري نتيجة لاتجاه حركة النشر والتوزيع إلي الداخل وإهمال الخارج المحيط، فالتجربة الشعرية المصرية بالنسبة لغالبية الشعراء اليمنيين تعتبر منكفئة علي ذاتها وحدها مقارنة بغياب الإصدار الشعري المصري عن اليمن، وهكذا فنحن لا نصل إلي الآخرين والآخرين لا يصلون إلينا، ولولا بعض الاجتهادات الفردية التي باتت تستغل الانترنت لمعرفة التجارب الشعرية الأخرى لما عرفنا شيئا عن التجربة الشعرية المصرية الراهنة. لكن مشكلة التجربة الشعرية اليمنية أعمق من حيث درجة عزلتها وغيابها عن المهرجانات والملتقيات الشعرية العربية إضافة إلي ضعف الجانب الفني في حقل الطباعة رغم ازدهار حركة النشر في اليمن خلال السنوات الأخيرة، لكن الكتاب اليمني لا يغادر الحدود إلا قليلا، وبدأنا مؤخرا بالظهور علي شبكة الإنترنت لتوصيل النتاج الشعري اليمني الجديد إلي المحيط العربي كبديل جيد لتوصيل أصواتنا، وهذا ما نأمله.

* أين الحركة النقدية من كل ذلك أم أنها تعاني من الغياب كمثيلاتها في أغلب الدول العربية؟
** نعم المشكلة النقدية قائمة في اليمن أيضا والشكوى قائمة من غياب المواكبة النقدية للجديد الإبداعي وركود النقد وتقوقعه داخل الحقل الأكاديمي النظري، ولكن ثمة محاولات يقوم بها السباب أنفسهم لأداء دور نقدي مواز للإبداع إضافة لجهود جميلة قام بها الناقد العراقي المعروف د. حاتم الصكر الذي يقيم باليمن وأصدر قبل فترة كتابا هاما حول قصيدة النثر في اليمن، وكانت لي تجربة متواضعة في هذا الاتجاه كانت من أولى التجارب النقدية التي حاولت أن تقدم جانبا من المشهد الشعري الجديد في كتاب بعنوان (الكتابة الجديدة : هوامش علي المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن)، لكن ما كتب من دراسات نقدية في اليمن حتى الآن لم يكن متكافئا مع حجم المنتج الشعري كما وكيفا.

* ما هي ملامح الخصوصية التي تتمتع بها التجربة الشعرية اليمنية الآن مقارنة بالتجارب الشعرية العربية الأخرى في حال متابعتك لهذه التجارب؟
** فيما يخص متابعة الشعراء اليمنيين للتجارب الشعرية العربية الأخرى، قد تستغرب لو قلت لك بأن شعراء قصيدة النثر في اليمن باتلذات علي دراية تامة ويتابعون بتركيز شديد كل التجارب الشعرية العربية وفي مختلف الأقطار، وفي عام 2004 عقد في صنعاء الملتقي الأول للشعراء الشباب العرب وكانت دهشة ضيوف الملتقي من كل الأقطار تتركز في استغرابهم لمتابعتنا الدقيقة لتجاربهم وآخر أعمالهم. أما ملامح التجربة الشعرية اليمنية الآن كما قلت تتميز بتجاوز مختلف الأشكال الشعرية التقليدية والحديثة وهو تجاوز من حسناته أنه يرفض الإقصاء ويقوم علي الاعتراف بكل التجارب ويقوم علي الاعتراف بكل التجارب وإذا كان لهذا التصالح العجيب من عيب فهو أنه يسبب نوعا من الركود وغياب الحوار والأسئلة وإطفاء بذور أي معركة أدبية تحاول أن تنشأ بين القديم والجديد، لكن النص الجديد يتواجد بقوة علي صعيد النشر والطباعة، ولا يكاد المشهد الشعري في اليمن يختلف عن أي مشهد عربي من حيث مستوى التجارب ودرجة حداثتها باستثناء ما أشرت إليه بشأن التصالح والاعتراف المتبادل بين الجديد والقديم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: