حوار مع الشاعر اليمني علي الشاهري
حاوره: أحمد السلامي
2007
“عندما تبحر في زورق ليس له مجداف، وليس له ما يحفظ توازنه ويثبت قوائمه، فأنت الذي صنعت هذا الزورق من خيالك، وأنت الذي تصنع الأوتار الورقية، التي تمنحك القدرة على أن تكون شاعراً أو فناناً ..”تلك كلمات مقتطفة من روايته الأولى التي يعكف على كتابتها هذه الأيام.أغلب شعراء الثمانينيات والتسعينيات يعرفونه جيداً، توسط هذين الجيلين في الظهور كشاعر مشاكس، وصفه الراحل عبد الرحمن الحجري بشاعر الدفقة، لأنه يقول القصيدة أو يكتبها في لحظة واحدة، يفاجؤك بانهماره حتى وهو يرتجل قصيدة غنائية جديدة، يُحَمِلها بثقافته وحساسيته الواضحة تجاه موسيقى الحرف داخل الكلمة الواحدة.
يكتب أغان جميلة، بعضها متداولة على ألسن النخبة، ومن أشهرها: “يا محنى الكفوف حسنك في الناس موصوف”.
له تجربة في كتابة الأغاني بلهجات عربية، ويرى أن المستقبل لأغاني الفيديو كليب، وإلى جانب أعماله الشعرية الفصيحة، بدأ علي الشاهري يكتب في حقل الرواية، كما صدر له كتاب إشكالي بعنوان “ديوان وثلاثة شعراء” عن حقيقة امرؤ القيس، إذ يرى في هذه التسمية مجرد لقب حمله ثلاثة شعراء في وقت واحد، ويطور فكرته عن أصل اللغة في مشروع كتاب جديد عنوانه”اللغة والإنسان” وفي هذا الحوار نسلط الضوء على آخر انشغالاته..
التواصل في غياب الذات الثقافية
|
– ما سبب انقطاعك عن الساحة الثقافية منذ فترة؟
الانقطاع عن المشهد الثقافي والتواصل مع الفعاليات الثقافية سواء في صنعاء أو عدن جاء بعد الانقلاب الذي حدث على الثقافة المتمثل بتنحية خالد الرويشان، هذا الوزير المثقف الذي أحسسنا في عهده بأننا نمتلك ذاتنا الثقافية، هو الوحيد الذي عمل على إبراز مواهبنا، طبع لنا الإبداعات خارج البلاد، في بيروت، وأغنى المكتبة الثقافية اليمنية، هذا الرجل كان خروجه من الوزارة خسارة، كان جزءا من الحركة الثقافية، وكان المشهد الثقافي كبيت النحل وكنا حوله كالنحل، الكل يكمل بعضه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، هذه من أهم أسباب انقطاعي عن الفعاليات الثقافية.
ثلاثة شعراء في شاعر
|
– أشاد الكثيرون بكتابك عن امرؤ القيس .. هل تعتقد أن الكتاب حقق الهدف الذي كنت تقصده، وهل الإشادات التي تلقيتها كافية لدفعك إلى الاستمرار في البحث والتأليف؟
ما جاء في كتاب “ديوان وثلاثة شعراء” أعتبره يمثل في الحقيقة انتصارا للثقافة اليمنية .. وكل الفضل يعود للوزير السابق خالد الرويشان، والأفكار الموجودة في هذا الكتاب هي خلاصة تجارب بحثية لأكثر من عشر سنوات .. منذ بدأت الدراسة في الجامعة وحتى هذه الأيام وأنا أراكم الأفكار حتى اختصرت الفكرة وهي فكرة طويلة وكبيرة وكانت ستؤدي إلى تأليف ثلاثة دواوين، لكل شاعر ديوان يحمل سيرته الذاتية ومختارات من شعره وهذا كان سيكلفني الكثير، لكنني اختصرت كل الأفكار في هذا الكتاب الذي يراه القارئ ويقول أنه لا يفي بالغرض لكنني كثفت الأفكار فيه بحيث استوعبت الموضوع، وأنا فخور جدا بأن أكون قد قدمت للبلاد شيء مهم في الإطار الثقافي، وأما ما قيل عن الكتاب فأنا كنت أتوقع أنني سأواجه نقداً ونقادا، لكن لم يظهر إلا القليل من التناولات في بعض الصحف والزوايا الثقافية، ولم أطلع عليها وإنما استقيت الأخبار من زملاء اطلعوا على بعض الكتابات حول الكتاب، وأنا لا أقتنع بما قيل عن الكتاب لأنه مهم جدا وسيأتي وقته في زمن غير هذا الزمن.
باللهجة اللبنانية
|
– في تجربتك مع الشعر الغنائي .. لك قصائد يتغنى بها في الكثير من المجالس والمنتديات، وكثير من الزملاء يتداولون بعضها .. حدثنا عن هذه التجربة.
فيما يخص الأغاني التي كتبتها، بوسعي أن أتعامل مع العديد من الفنانين والملحنين في الوطن العربي، ولا زلت أحاول الاتصال بهم بكل الوسائل، ولكن لم أجد ما أسعى إليه، والآن جمعت كل الأغاني التي كتبتها في ديوان أنتظر أن تتم طباعته.
أما بالنسبة لتجربتي في كتابة الأغاني باللهجات مثل اللهجة اللبنانية واللهجة المصرية، عندي تجربة واحدة حيث كتبت أغنية موجودة في الديوان باللهجة اللبنانية مطلعها “حدد لي وقتك بالساعة .. حبك أمر وقلبي طاعة”، وتم تسجيل أربع أغاني لي في تلفزيون صنعاء أداها الفنان صالح عايش، أغاني عاطفية، تم تسجيل أغنيتين قبل أربع سنوات وقبل سنة تم تسجيل أغنيتين.
تسييس الثقافة
|
– تقول بأن الأديب اليمني محاصر ولا يتاح له أن يستفيد من عطائه ويوصله إلى الآخرين في الساحة العربية، ما هو السبب؟
كل شيء مسيس في هذه البلاد، الفن مسيس، الغناء مسيس، لا تستطيع أن تتعامل إلا عن طريق السياسة، كل شيء سياسي .. ما فيش ثقافة.
عندما تأتينا وفود ثقافية من دول عربية نتقابل معهم فنجد أن هذا الوفد ينكمش على نفسه داخل الفندق بحيث أنك لا تستطيع حتى أن تتكلم معه في أمور تخص الثقافة، وأتذكر أنني أعطيت أحد الشعراء العرب ورقة فيها بحث خاص بي ورأيت المراقبين من حولي تهتز عراهم، رأيتهم يصورونني وكان الأمر فيه مؤامرة ..
المثقف في بلادنا ميت .. ميت حي .. لا يوجد أوكسجين .. حرية ما فيش كله كذب .. نحاول أن نعيش في هذا المجتمع من أجل العيش ذاته لا من أجل أن نبدع.
أنا لا أنشغل بكتابة القصيدة ولا أبحث عنها لأنني لا أجد معها معادلا موضوعيا لكي أكتب قصيدة عن امرأة جميلة، إنما أجد الجوع يطاردني في كل مرة أذهب فيها للبحث عن قطعة خبز كي أشبع جوعي، فكيف تريد أن ينمو الإبداع في وطن ونحن نزحف فيه وراء لقمة العيش.
أحيانا تأتي القصيدة وتحلق حولي مثلما تحلق الطيور الجارحة على فريستها، فأقول للقصيدة أذهبي فليس لدي وقت، أريد أن أشبع أولاً.
رواية الحياة
|
– عرفت كشاعر لكن ما لا يعرفه القارئ هو انك تشتغل هذه الأيام على إنجاز روايتك الأولى.. حدثنا عن مغامرتك في اقتحام عالم الرواية، وما هو الذي دفعك إلى كتابة الرواية؟
لم أستطع فهم الواقع الذي أعيش فيه، ولم استطع أن أفهم تناقضاته، هناك حياة تشوفها ظاهرة وحياة باطنة، المجتمع الذي نعيش فيه لا يمكن أن تعرف خصائصه وتعرف الجوانب العديدة في سلوكياته إلا عن طريق الرواية، فأنت في الرواية تكشف كل شيء، لأن الأبطال وشخصيات الرواية يأتون إليك، كل واحد له مجال عمل محدد، وتجد أن هذه المجالات كلها تلتقي في مصالح فيما بينها.
– ما هو محور روايتك أو موضوعها؟
الرواية تعبر عن حالات فبدأت على شكل وصف علاقة بعض الفئات بأرباب السياسة والمال ورجال الأعمال، المهربون، الأسواق الممنوعة، وكل عمليات التهريب والقرصنة واختطاف البواخر واختطاف الأشخاص وبيع الرقيق في عصرنا الراهن .. ثم توسعت الرواية ليظهر فيها أناس قتله وأناس صالحين وأناس مجرمين ويظهر أصحاب الأموال الطائلة وتتوالى الأسر ويتوالد المجتمع ليدفع بعضه بعضا حتى تصل الرواية إلى مرحلة تتضارب فيها المصالح فتتلاقى فيها عند نقطة معينة هي المصلحة فيما بينهم ، ولا يجمع الناس إلا المصالح، والمصالح هي التي تفرقهم أيضا .. عند هذه النقطة تبدأ المشاريع الكبرى مثل إقامة المستشفيات والشاليهات وإقامة المنتجعات السياحية واستغلال الموارد الطبيعية، وحركة السكة الحديد من الحديدة وحتى المكلا. وفي الرواية خيال قد يصبح في المستقبل واقعا .. وهناك تصريحات من مسئولين أن سكة حديد ستمتد عبر الشريط الساحلي .. أنا آخذ من السياسي وأوظفه في الثقافي .. هل هذا المشروع سيتم في المستقبل لا أحد يعرف .. لكنه موضوع في سياق الرواية.
غياب الحرية
|
– سمعتك تشكو من الرقابة المحلية المسبقة على شبكة الانترنت..
هذا جزء من الواقع الذي نعيشه، فما يمارس علينا من رقابة في الانترنت يمارس علينا في الواقع الذي نعيشه، فكبت الحريات موجود، حتى وأنت بداخل غرفتك، وما يحدث في الانترنت من رقابة هم لا يريدون أن نشاهد إلا ما قالت أمي، والشيء الذي أريد أن أشاهده لا أستطيع أن أشاهده، فأية حرية في الانترنت هذا، ما فيش حرية .. بالإضافة إلى انه مكلف في الجانب المالي ويرهق كاهل المستخدم، في حين أن بعض الدول أصبحت تتيح الخدمة مجانا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي أحمد الشاهري– ممن مواليد 1959 م ، رداع – قيفة – اليمن- تلقى تعليمه الأولي في القرية وأكمل دراسته الاعدادية والثانوية بصنعاء- درس البكالوريوس بجامعة صنعاء- نشر له: “ديوان وثلاثة شعراء”، حاجب السلطان” شعر، مثل ظلي” شعر- بانتظار الطبع: ديوان الأغاني، مجموعة شعرية، كتاب “اللغة والإنسان”، رواية: “الخوخة”ن مواليد 1959 م ، رداع – قيفة – اليمن- تلقى تعليمه الأولي في القرية وأكمل دراسته الاعدادية والثانوية بصنعاء- درس البكالوريوس بجامعة صنعاء- نشر له: “ديوان وثلاثة شعراء”، حاجب السلطان” شعر، مثل ظلي” شعر
– بانتظار الطبع: ديوان الأغاني، مجموعة شعرية، كتاب “اللغة والإنسان”، رواية: “الخوخة”