الشاعر السوداني نصار الصادق “في وحدته المتعالية”
غارق يفتح نهر الحرية في ليل الجهات
نصر جميل شعث
عوالم الشاعر السوداني نصار الصادق ، عوالم غابوية غامضة مُركِبة ، ومخيفة ، وخائفة ، وحالمة في آن . والنصوص التي يطرحها ، هنا وهناك ، ذات مكانة آهلة بالمخالطة بين الواقع والرمزية . الرمزية هي تلكَ التي تُعَرّف بأنها فنّ التعبير عن الأفكار والعواطف ، وليس بوصفها مباشرة ولا بشرحها من خلال مقارنات صريحة وبصور ملموسة ، ولكن بالتلميح إلى ما يمكن أن تكون عليه صورة الواقع المناسب لهذه الأفكار والعواطف ، وذلك بإعادة خلقها في ذهن القارئ من خلال استخدام رموز غير مشروحة ، هذا جانب واحد من جوانب الرمزية ، وهو ما يسمي بالعنصر الشخصي ، أي الذي يتصل بالجانب الإنساني ، وهناك عنصر آخر يمكن أن يوصف أحياناً بأنه (الرمزية المتجاوزة) والتي تستخدم فيها الصور الملموسة ، وليس كرموز لأفكار ومشاعر خاصة تعتمل بداخل الشاعر، وإنما كرموز لعالم شاسع ومثالي يعتبر العالم الواقعي بالنسبة له شبيها غير متكافئ (1) في نصّ للشاعر بعنوان ” هذيان ” نقرأ:
وحيدٌ
في الركن المعتم من خلوة العراء
بشوك متناثر في وبر الخراف
يخيط جلباباً يسع الشتاء
يعركُ رأسه بقلق عاجل
تحت وطأة الشّهوات الطارئة
بينما امرأة ضالّة مثله
تمرّر ضفائرها بنزوة طائشة
عبرَت كبرقٍ فاشلٍ في مراوغة المطر.
بقراءة ما سبق تتكشف بالإيحاء حالةُ الشاعر ؛ إذ هو يَمْثُلُ في خلوة العراء . هذه الخلوة ، هي ، سلّم الوصول لأعلي مراتب العزلة ؛ باعتبارها الفيصل الذي يفصل الشاعر عن الواقع الملموس ، ويبقيه في كينونة التأمل والقراءة في محافل العراء الأرضي الذي تنتجه المآلات الدنيوية. ذلكَ أنّ حلول الانهدام في الواقع الإنساني والثقافي والأخلاقي والأمني يضع الشاعر في الكينونة العُليا ، أو كما تسميها جوليا كريستيفا بـ ” الوحدة المتعالية التي ينهض عليها الرمز، أي في خلوته الماورائية ومبعث بثِّهِ ” (2) فيها ينجو بالذات من هذا الانهدام الدنيوي ، بمتعلقاته المعنوية والمادية ، وذلك عبر قيامه بتصّورٍ وببناء تعويضي في عالم الميتا ، إنه بذلك يُحقّق لذاته التوازن والحماية من هذا الانهدام. وكان خزعل الماجدي قد كشف عن هذا المعني في مقالته ميتاجماليا الشعر حين قال : ” إنّ كل هذه البنية الفيزيقية للوجود تقابلها بنية جمالية خيالية دفعها الإنسان لكي يوازن بها نفسه أمام حصار الأسئلة الرهيب هذا من بنية الفن تقابل بنية الوجود كاملاً ؛ فلذلك يجب أن تتمثله مجهولاً معلوماً . فإذا سقطت بنية الفن في جمالية تقابل المعلوم والمكتشف من أسرار هذا الكون سقطت هذه البنية في شرك الواقع ، وظلت أسيرةً ما تقع عليه أبصارنا ؛ ولكنها لو استطاعت أن تعبّر عن ما يري وما لا يري ، من كل هذا الإحساس الغامض والثقيل بالوجود ؛ فإنها لا بدّ أن تذهب إلي أبعد من ذلك.. وعند ذاك فقط تكون قادرة علي التوازن .. ” نصار الحاجويتجلّي ذلك ، لدي الشاعر الصادق ، في سفرِ الذات المنهدمِة إلى خارجِها الحُلُمي الشعري الفاعل في خلوة ضرورية واتقائية في الوقت ذاته ، حيث الاتجاه نحو تعميق السؤال وإحاطة البؤرة الذاتية بدائرة مُسرِعَةٍ بطرح أسئلة الرغبة والخلاص . وثمة من لغة الذاتِ صورة تعبيرية يختصرها الشاعر للمكان بوصفه أجردَ عارياً ؛ إلا من شوك متناثر في وبر الخراف ، ما يُبرّر العزلة كضرورية لتعرية الذات من محيطها الشائك ، والانشغال الشعري بحياكة الكساء : ” يخيطُ جلباباً يسعُ الشتاء “. هذا الجلباب ، في كيانه الشعري ، مُنفتحٌ علي حراكِ الرغبة ، التي تنشدُ كسوةَ المكان ، أي إحداث التغيير ، حيث تُؤشّرُ جماليةُ الصورة الشعرية . إنّ ثمة تضافراً حادثاً ، في النص ، بين تأويل الرغبة في إحداث التغيير ، وبينَ ظهور المرأة في حالتها الضلالية المماثلة لحالة الشاعر الذي يُزاول حلُمَهُ تحت وطأة الشهوات(الرغبات) الطارئة . إنها تطرأ ولا تزول ، فهي رغبات (شهوات) ملحاحة . سيظل تفاقمها مشروعاً ، طالما أنّ المرأة ، التي لم تهتدِ بعد – مثلما لم يهتدِ ذو خلوةِ العراء ـ تُمرّر ضفائرها بنزوة طائشة ، وتعبر كبرق فاشلٍ في مراوغة المطر . وهكذا نتصوّر مزاوجة الشاعر وعمل القرابة بين رؤيته المنفردة المُعتدّة بكسوة المكانِ ، وشهوته المفرطة للمرأة ـ الرمز الكامل التي ليست علي هدي لغاية الآن . وإنه لمن الواضح أن الرغبة الشعرية هنا تلبس ظاهر المرأة كبؤرة كاملةٍ مشتهاة في ظرفٍ حُلُمي هذياني دائبٍ وحيّ في ترميزه . وعلي هذا النحو تمتاز نصوص الصادق بمخالطة مرموقة ، وبارتهان وبعلائقية ملفتة ودائبة ، بموجبها تتكشف الذات المستدرجة إلى فعل الكتابة بلغة مكثفة تطرحُ في الذات أقصي التباساتها وتلكؤاتها وفرارها من المُعلن إلى التائه في لفيف خفيٍّ من معانٍ وصورٍ ومفارقاتٍ جمّة يطرحها عالم الذات ، والرؤيا. ومن المكانة الانفرادية ذاتها يُفْرِجُ الشاعرُ عن مزيدٍ من خلاصاتِ الخلوة ِ، وهذا نصّ ” أول الوقت “، نقرأ فيه:
من زجاج النافذة
يستدرج الكائنات إلى ظلال الضحى
ثرثرة عابرة
ولقاح يمجّد الصوت
يلوذ بالوقت من عزلته الواسعة
في الليل
يكشط قمراً واحداً ليضيء بأحجاره
دخان المسافة
يسهر مع كأس واحدة من نبيذ الحدائق
تحت أجراس تعزف الأناشيد
صوت موسيقي
يتسرب هادئاً
من حناجر المراهقات في ثيابهن الزرقاء.
إذ نرصد تكثيفاً لـ أفعال الحاضر (يستدرج، يلوذ، يكشط، يسهر، يتسرب) بما تعنيه من ولوج للذاتي، وتعمّقٍ في تحريك المشهد في لحظة ذهابٍ عن ملموساتِ المكان ونواقض الخلوة من ثرثرة عابرة ولقاح يمجّد الصوتَ، ذلك: السلطة. وسوف تظهر سلطة الريح بوصفها ناقلة للقاحاتٍ من فئة الضجيج والفوضى والأتربة والدخان الذي يحجبُ القمرَ، بما هو الصورة المتعالية المُطلّة بانتباه، والمماثل لذات الشاعر المتعالية الهاربة؛ لكن الخالقة، في الوقت نفسه، الإزاحة علي الأرض، بطريق إضاءة الصور الشعرية والرؤى والترميز. ولعلّ في نصّ بعنوان (يحدث) أيضاً، ما يخدِمُ السياق المُتولّدة في مضمونه إشارات الذات ورغباتها وتوجهاتها الطامحة لكسر الصمت، وتوبيخ الصوت، ذلك السلطة. إذ الصورة في النصّ ترسيمة حاضرة لثنائية مكبوت/ كابت، وصمت/ صوت، حيث مركزية الصوت، الامتلاء. في مقابل أوضاع الجماعة، الشوارع والأصوات الفارغة:
أنْ يَصرخ الصمتُ بشهوة الكلام
يفتح الصوت في رياح الآلهة
حينما يعلو الضجيج في ذاكرة الشوارع
ويصعد الغبار إلى جنة الكون
بينما
الأصوات الفارغة
تواري ظلال شهوتها لبرهة
قبل أن يعود الصدى
باهتاً يتسلق نهايات الصراخ .
مسكين هذا الشاعر! إنه لملحاحٌ في خلوة العراء عبر أحلامه ورؤاه وصوره الشعرية علي استدراج الكائناتِ إلى ظلال الضحى نأياً به وبها عن دخان المسافة ؛ الدخان هذا الحجاب الدامس في ليلٍ بلا قمرٍ ولا أملٍ ! لذلك فهو يجتهد بِحسّه وتشابكات خياله ، وحمولته المعنوية لخلق نافذةٍ رمزية تطلّ علي مستقبلِ تنشده كائناته .
تعالوا ، لنتأمل خارطة البناء النصيّ في صورته المطروحة في ” يحدث ” . سنلاحظ أنه بين كلّ فعلين في النصّ السابق تنحصر أو تنحشر (لاحظوا : لم أقل انحصرت أو انحشرت) تظاهرةٌ هي ، بالضرورة ، علي الضدّ من فردانية الشاعر ، وهو في خلوة العراء مُعطّلاً الصوت ، ومانحاً لنفسه صمتاً تضاء فيه حواسّه ومناطق فضائه ورجائه الذاتي . لكن ، بفجاجةٍ ، تلاحقه وتتدخل في فضاءه الذاتي ثرثرة عابرة ، ولقاح يمجّد الصوت . وتَحْمِلُ الجملةُ الفعلية يلوذ بالوقت من عزلته الواسعة معنيً طارئاً لتخليصِ الذات ووقتها من تلك العزلة الواسعة المنصرف مدلولها إلى المكانِ والزمانِ بفعالياته وتظاهراته الممقوتة الواسعة. ولنا قراءتان في عمارة النصّ:
الأولي : (يلوذ بالوقت من عزلته الواسعة / في الليل ) ونستخلص من هذه القراءة أن الهروب بالوقت يكون لظرفٍ مقابل للظرفِ المتسبب في عزلة الشاعر الواسعة / وطالما أنّ الفعل ينشط ( في الليل ) فمعني ذلك أن الظرف الممقوت الخانق للشاعر هو ظرف النهار.
الثانية: (في الليل / يكشط قمراً واحداً ليضيء بأحجاره / دخان المسافة ) و، أيضا، نستخلص من هذه القراءة أنّ الليلَ ظرفُ مخاض وولادة وحضانة الذات المضطلعة بأعباء مشتركة بين الفردي والجماعي.
وبالانتباه ، وبتركيز النظر ، وبالتدقيقِ في الهوية الشعرية للشاعر نجد أنّ نصه يعبّر عن اللحظة وفيها الموقف والوعي للتاريخ، والانشغال، والاجتهاد في بؤرة الراهن، من قبيل رفض هذا الحاضر الذي تتجدّد فيه أفعال الماضي. وعليه، فانّ الشاعر يقدّم النصّ المعاصر علي مستويً راقٍ من الثقافة والوعي والقراءة في الحاضر ورفضه وبذل الرغبة في تغيير، هذا الحاضر، واستبداله. في نصّ (قطرة) التالي نقرأ:
القطرةُ
حواءُ المياهِ العارية
تأكلُ الفاكهةَ
في بيت الأرضِ
والقُبّرةُ في شجر المكانِ
خارج الجنّة
تغرّدُ بصوت مشروخ
لكنه غارقٌ يفتحُ نهرَ الحريةِ في ليلِ الجهات.
فما جاء تأمل فريد وتأويل لقطرة مياه عارية تَسقط .. حيث حواء تأكل الفاكهة في بيت الأرض؛ فدلالة المضارع تنصرف لمعاصرة الخطيئة التي تُمارس في الأرض علي كائناتها، حيث القبّرة في شجر المكان / خارج الجنة / تغرد بصوت مشروخ ..، إن القبرة إحدى كائنات الأرض، وهي تنفرد بطبيعتها برمز الحرية، غير أنها في هذا المشهد خارج طبيعتها، الجنةِ، تغرّدُ بصوت مشروخ . كذلك نلاحظ احتشاداً لمفردات مؤنّثة متواشجة ومتعاضدة فيما بينها وهي: (القطرة، حواء، المياه، العارية، القبرة ، الجنة، الحرية، الجهات) وثمة، أيضاً، ملاحظة، جديرة بالانتباه، بارقة في تعداد صيغ وظرفيّات المكان في النصّ: (في بيت الأرض، في شجر المكان، القفص، خارج الجنة ).. تعالوا نمارس لعبة القراءة، والمعادلات:
القطرة = حواء المياه العارية (في بيت الأرض) تأكل الفاكهة.
الشاعر = غارقٌ، في ليل الجهات، يفتح نهر الحرية.
القطرة = كينونة مائية = حياة.
القطرة تسقط . الحياة تسقط.
القطرة = حواء المياه.
القطرة = حواء = الحياة تسقط.
القطرة العارية = حواء المياه العارية تأكل الفاكهة .
القطرة = المياه العارية = حواء العارية= الحياة العارية.
لحظةُ العري لحواء = خطيئة.
فعل العري = تأكل الفاكهة .
وفي السطر الأخير من النص : لكنه غارق يفتح نهر الحرية في ليل الجهات ، قوة استدراك تدفع به خارج الواقع وحيداً في الركن المعتم من خلوة العراء ، بشوك متناثر من وبر الخراف/ يخيط جلباباً يسع الشتاء . وهذا نص بعنوان خيول ، فيه:
العرين مكتظ بحيواناتٍ
غسلتها السماء وهي تئنّ بين أقفاصٍ خانقةٍ
صنعها حدّادون برفات السّيخ
الذي خلّفه الانجليز تحت طوب السرايات
كائنات يركبها طلاب كلية الشرطة منتصف النهار
لذلك تبدو كارهةً لهذه الياقة الخضراء
بين أقواس الإسطبل
تجوع
تعطش
تصهل
يزجرها الخفير بلعنة بارزة الشتيمة
لكنها نكاية بهؤلاء جميعاً
تقذف مخلفاتها خارج القفص.
في هذا النصّ ، أيضاً ، نقفُ لغايةٍ في نفس كائنات الشاعر . ذلك أنّ ثمة تعدّدا لصيغ وظرفيات المكان كما نرصدها في النصّ (بين الأقفاص، تحت طوب السريات، منتصف النهار، بين أقواس الإسطبل ، خارج القفص )، والـ(خيول) ـ كما (القبرة) في نصّ (حواء) ـ كائناتٌ مُنطلقة جامحة بطبيعتها ـ وهي رمز طبيعي ملموس لرمزٍ معنوي مفقود؛ هو الحرية . هذه الـ (كائنات) يركبها طلاب كلية الشرطة ، منتصف النهار ، إذ الأخير مُحدَّد ظرفي غائي يضمر الاستنكار، ويصرح بالحقيقة الجارية والعارية كوضوح منتصف النهار ؛ وهو الظرف الذي يمارس = يركبُ فيه [طلاب كلية الشرطة = أدوات ـ عصا النظام ) الـ(كائنات) المحكومة بحريتها، الكارهة، التي ترزح، الآن، بين أقواس الإسطبل، تجوع، تعطش، وتصهل بصوت مشروخ ـ كما هي حال (القبّرة): تغرّد بصوت مشروخ ـ ويزجرها الخفير بلعنة الشتيمة!(القمع). لكنها..، والترجمة النحوية والمعنوية لـ: لكنّها هي أنّ: لكن حرف استدراك خارج بقوة الإرادة، والهاء ضمير متصل، محال علي جماعة الكائنات. قوة الاستدراك هذه تنم عن وعي بضرورة الخروج والتحرر من صيغ وظرفيات المكان التي صنعها حدّادون برفات السيخ (الشرق) الذي خلفه الانكليز (الغرب). وعلي هذا النحو تتجلي ثلاثُ خطابات وتطبيقاتها؛ وهذا هو خطاب الشاعر المعاصر للإجراء المعمول به بمقتضي مقولة (لاشيء خارج النصّ) ـ نصّ الشرق، الذي يُفسّره ويضعُ تمثيلاتٍ له الغربُ. ونصّ الكائنات، الذي يُخضعه النظام المحلي بأدواته ويقمعه. ونصّ المُعاصرَة الذي يعيش الشاعر زمانه ومكانه، ويقرأ فيه: نصَّ الشرق الذي يفسره ويضع تمثيلاتٍ له الغرب، ونصّ الكائنات الذي يخضعه النظام المحلي وبأدواته يركبه ويقمعه.
بعد هذه القراءة في علاقات المنظومة اللغوية الصوتية، والمفرداتية، والبنائية، لنصوص الصادق نصل إلى إدراك مقدار وعي الحاضر الذي يمثل لحظة وليدة التاريخ والثقافة المؤثرة في مساحة واسعة داخل الذات النصية ـ الذات المعاصرة، التي استطاعت تنصيص العالم كله، واختزال خطاباته المتناهضة، كما تكشّف لنا ذلك في نصّ خيول . وبهذه المناسبة ينبغي لنا أن نتصالح ونتقاطع مع جاك دريدا الذي يصل إلى ما يمكن أن نعتبره لا وعي النص، أو اللاوعي النصيّ، حيث يكون النصّ (الظاهر) تنصيصاً، يتشكّل عبر طبقات متعددة، ومستويات مختلفة، منها ما هو نفسي/ وما هو اجتماعي، وما هو ثقافي، وما يرتبط بالعالم،ويكون دور الناقد مقلباً طبقات النصّ .(3)
إشارات:
1. الرمزية، تشارلز تشادويك، ت: نسيم إبراهيم يوسف، الهيئة العامة للكتاب ـ مصر 1992، ص42.
2. علم النصّ، جوليا كريستيفا، ت: فريد زاهي، دار توبقال للنشر، المغرب1997، ص24.
3. الكرمل، عدد30، ص188. نشرت في القدس العربي بتاريج 2/5/2006