علي محمد لقمان رائد المسرح الشعري في اليمن

عمر محمد عمر

* تمهيد:

الحديث عن شخصية مثل علي محمد لقمان، حديث عن مرحلة هامة من حياتنا الادبية والثقافة المعاصرة ذلك لان علي لقمان واحد من جيل الرواد الذين وضعوا مدامك النهضة الادبية والفكرية الحديثة في بلادنا، فهو ليس مجرد شاعر ظهر في حياتنا لفترة من الزمن ثم طواه الموت، لكنه علم بارز من اعلام الادب والصحافة والسياسة ايضا، واذا كان لقمان قد لقي من الاهمال والتناسي والجحود مالم يلقه غيره من رواد النهضة في اليمن(1)، فحري بنا اليوم ان ننصفه ونعيد له المكانة والتقدير الذي يستحقه عن جدارة والسبيل الامثل الى ذلك يتمثل اولاً وقبل كل شيء في دراسة تراثه الادبي والفكري واسهاماته في الحياة الادبية والفكرية والاجتماعية والسياسية وتقييمها تقييماً علمياً محايداً(2).
* وهذا البحث المتواضع الذي نضعه بين يدي الادباء والباحثين المشاركين في مهرجان الادب اليمني الثالث يأتي اسهاماً منا في هذا الاتجاه، وسنحاول من خلاله الوقوف مع تجربة المسرح الشعري عند لقمان باعتباره الرآئد الاول للمسرح الشعري في الادب اليمني المعاصر(3). وقد وقع اختيارنا بهذا الصدد على مسرحيته الموسومة بـ(قيس وليلى) لاعتقادنا انها- اي المسرحية- الى جانب كونها عملاً فنيا فقد احتوت على الكثير من الافكار والرؤى التي من خلالها يمكنا ملامسة بعض من اراء لقمان السياسية والاجتماعية، ومن خلال المسرحية ايضاً سنتعرض لملامح الاتجاه الرومانسي في شعره باعتباره واحداً من ابرز رواد وممثلي الاتجاه الرومانسي في الشعر اليمني المعاصر(4).

علي محمد لقمان..
* في البداية لابد لنا من التعرف على (علي محمد لقمان) نشأته، وثقافته والبيئة الاجتماعية والثقافية التي شكلت هويته الادبية والفكرية وحددت ملامحها.
* ولد علي محمد لقمان في مدينة عدن (كريتر) في عام 1918م، وكانت نشأته في بيئة ثقافية منفتحة، فعلى الصعيد الاسري كان والده محمد علي ابراهيم لقمان من ابرز الشخصيات الاجتماعية في عدن في مطلع القرن العشرين، فهو من رواد التنوير ودعاة التحديث والاصلاح الاجتماعي، وكانت له اسهامات عديدة وبارزة في الحياة الاجتماعية والفكرية(5) وهو مؤسس اول صحيفة اهلية في اليمن هي صحيفة «فتاة الجزيرة» والتي لعبت دوراً هاما وموثراً في الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية، ليس في عدن فحسب بل وفي عموم اليمن،(6) اما على الصعيد الاجتماعي فقد كان للمناخ الثقافي والفكري في مدينة عدن دوره في تكوين شخصية لقمان وصقل موهبته الادبية، فقد كانت عدن منذ الربع الاول من القرن العشرين تشهد حراكاً فكرياً وثقافيا أهلها لان تتبوأ مركز الريادة الثقافية ليس في اليمن فحسب بل وعلى مستوى الاقليم (شبه الجزيرة العربية والقرن الافريقي)، ذلك الحراك تمثل في ارساء اسس ومقومات النهضة الثقافية والفكرية، وتحديث المجتمع،(7) ولم تأت الثلاثينات من القرن الماضي حتى كانت هناك حركة ثقاية وادبية ملحوظة في عدن، وفي ظل تلك الحركة الثقافية والادبية نشأ علي محمد لقمان الشاعر والكاتب المسرحي.
تلقى لقمان دراسته الابتدائية والاعدادية في عدن، وفي عام 1939م توجه الى الهند ليلتحق بالجامعة الاسلامية ثم في عام 1944م التحق بالجامعة الامريكية في القاهرة وتخرج منها عام 1947م (وكان اول يمني يحصل على ليسانس الاداب بدرجة الشرف من كلية الصحافة بالجامعة الامريكية في القاهرة)(8)، وبعد تخرجه من الجامعة عمل مديراً لتحرير صحيفة «فتاة الجزيرة» ثم اسس دار الاخبار واصدر صحيفة «القلم العدني» ثم صحيفة «الاخبار»(9).
اما لقمان الشاعر فقد كان ظهوره مبكراً، فقد كتب علي لقمان الشعر وهو في السادسة عشرة من عمره(10)، ومنذ مطلع الاربعينات كان اسمه قد برز كواحد من الشعراء المعروفين في مدينة عدن، فاخذ ينشر قصائده في صحيفة «فتاة الجزيرة» وفي عام 1944م اصدر مجموعته الشعرية الاولى (الوتر المغمور) ثم اصدر في العام الذي يليه المجموعة الثانية (اشجان في الليل)، وقبل صدور المجموعتين كان لقمان قد خاض تجربة المسرح الشعري من خلال وضع عدد من المسرحيات ذات الفصل الواحد والتي كان ينشرها في (فتاة الجزيرة) عام 1941م(11) غير ان اول مسرحية صدرت له كانت في عام 1948م وهي مسرحية (بجماليون). وخلال الفترة من عام 1944م وحتى عام 1969م صدرت للقمان ثمان مجموعات شعرية احداها باللهجة العدنية، وسبع مسرحيات شعرية، وكتابان احدهما في الشأن السياسي والاخر حول صحيفة «فتاة الجزيرة»(12).
* لقد كان علي محمد لقمان شخصية لها حضورها في الحياة الادبية والثقافية سواء من خلال اعماله الشعرية والمسرحية او من خلال كتاباته الصحفية (13) كما كان له ايضاً حضوره في الحياة السياسية، فقد اسس عام 1950م (الجمعية العدنية) وهي من اقدم الاحزاب السياسية في عدن ان لم تكن اولها، واسهم من خلالها في الحراك السياسي الذي اخذ يتنامى منذ تلك الفترة(14).
في عام 1972م، ونتيجة لما آلت اليه الاوضاع في الجنوب بعد الاستقلال، وبفعل موقف القوى السياسية التي سيطرت على الحكم من اسرة لقمان اضطر علي محمد لقمان الى النزوح الى مدينة تعز في شمال اليمن وعمل في محل تجاري(15) ثم في عام 1978م اصيب بمرض عضال ونقل الى الولايات المتحدة الامريكية للعلاج ولكنه توفي في 24 ديسمبر 1978م ونقل جثمانه الى صنعآء ودفن فيها(16).

مسرحية قيس وليلى

لقد تهيأت لمدينة عدن في مطلع القرن الماضي من اسباب المدنية الحديثة مالم يتهيأ لغيرها من مدن ومناطق اليمن، وذلك بفعل وقوعها تحت الاحتلال البريطاني، وكما يقال (رب ضارة نافعة) فقد ساعد ذلك على اتصال المدينة بالعالم الآخر والتفاعل مع حركة العصر ومخرجات التقدم العصري، وكانت ابرز نتائج ذلك التفاعل النهضة الادبية والفنية التي اخذت عدن باسبابها منذ مطلع القرن، ففي عام 1904م جاءت الى عدن فرقة مسرحية هندية وقدمت عروضاً مسرحية(17). ويبدو ان المجتمع في عدن كان مهيأ لتقبل هذا النوع من الفنون فلم تمض سوى عدة اعوام حتى اخذ المهتمون بالفنون والاداب ينشئون مسرحهم سواء من خلال نصوص يضعونها او بالاعتماد على نصوص وضعها الاخرون، عربية كانت او اجنبية(18)، واخذت الجماعات المسرحية في الظهور واصبح المسرح جزءا من مكونات المشهد الثقافي، هذا عن المسرح كفن او تمثيل، اما المسرح كنص ادبي ذي معايير فنية وجمالية خاصة فقد تأخر ظهوره كثيراً عن ذلك.
وعند الحديث عن الكتابة المسرحية في ادبنا المعاصر يبرز اسم الشاعر علي محمد لقمان في مقدمة من ارتادوا هذا النمط من الكتابة الابداعية(19).
وريادته لا تأتي من السبق الزمني ولكنها ناتجة عن اتخاذه لهذا النوع الأدبي كاسلوب للتعبيرعن افكاره ورؤاه وتطلعاته، ومثابرته واخلاصه لفكرة المسرح كشكل فني يمكنه من ايصال رسالته الفكرية والابداعية للمجتمع، صدرت اول مسرحية للقمان عام 1948م كما اشرنا سابقاً، ثم صدرت له في فترات متفاوته ست مسرحيات أخرى، وهذا الكم من المسرحيات الشعرية لم يصدر لاي شاعر او كاتب مسرحي خلال الفترة الزمنية التي عاش فيها لقمان(20).
مسرحية (قيس وليلى) التي وقع اختيارنا عليها صدرت الطبعة الاولى منها عام 1957م عن مطابع فتاة الجزيرة- عدن، وهي تقع في اربعة فصول توزعت على مساحة (96) صفحة من القطع المتوسط. وهي مسرحية اجتماعية تقوم على فكرة علاقة الحب بين بطليها الرئيسيين (مصطفى ولندا) وماتواجهه تلك العلاقة من عوائق اجتماعية تتمثل برفض اسرتي مصطفى ولندا لفكرة زواجهما، وعندما يتحقق الزواج تنشأ قطيعة بين الثنائي مصطفى- لندا من جهة واسرتيهما- كل على حده- من جهة اخرى، والى جانب تلك الفكرة الرئيسية او المحورية للمسرحية تظهر عدة افكار مرتبطة بها وتشكل معها نسيج العمل المسرحي، وتلك الافكار الاخرى تتمثل في:
:: الصراع بين القديم والجديد في الحياة الاجتماعية..
::ملامح من الحياة السياسية..

ولابد من الاشارة ان زمن المسرحية كما حدده المؤلف هو (بعد جيل من الزمن) اما مكانها فهو جنوب الجزيرة العربية، ولعل في تحديد زمن المسرحية مايشير الى اشواق وتطلعات المؤلف وتصوره لما ستكون عليه الحياة الاجتماعية بعد جيل من الزمان، فمن خلال الفكرتين السابقتين يرسم المولف لوحة بانورامية للمستقبل تتجسد في مسرحيته بجيل الشباب ومظاهر الحياة الجديدة التي يعيشها، التعليم الجامعي.. الاختلاط بين الجنسين،، الموسيقى،، والثقافة.. العمل السياسي وإشتراك المرأة فيه ولو بالرأي، وكذا يصور ملامح او مفردات حياة سياسية جديدة كالاحزاب والانتخابات والبرلمان.. انها جملة من الاشواق والتطلعات حسب اعتقادنا، وفي سياق تلك اللوحة البانورامية يبرز المؤلف العوآئق الاجتماعية التي تواجه جيل المستقبل والمتمثلة في جيل الشيوخ والعادات والقيم التي يتمسك بها ذلك الجيل، لكن المؤلف في النهاية يقف مع الجديد ضد القديم فينتصر لجيل الشباب.
وللقيام بالقراءة النقدية للمسرحية سنقف مع مكوناتها الموضوعية والفنية كل على حده.

اولاً: الجانب الموضوعي:
* تمثل المسرحية خطوة متقدمة في الرؤية للعلاقات الانسانية (الحب)، فعلى عكس مايوحي به العنوان (قيس وليلى) جاءت احداث المسرحية لتقدم صورة لعلاقة حب ناجحة،، وهو امر يناقض ماترسخ في وعينا الاجتماعي المتوارث عن قصص الحب في ادبنا العربي (قيس وليلى/ جميل وبثينة/ كثير وعزة.. الخ) فصورة علاقات الحب في الموروث يتجسد بطريقة دراماتيكية نمطية (الفراق/ الزواج من الاخر/ الجنون/ المعاناة/ الموت.. الخ) لقد قام لقمان بقلب تلك الصورة النمطية وبما يترجم هاجسه كرجل مثقف وحداثي فانتصر للجديد من اول وهلة، ولم يبرز القديم الا في سياق استرجاعي حديثاً عن الماضي، وامعاناً في تأكيد انتصار الجديد على القديم يضع المؤلف نهاية لمسرحيته تصور رضوخ الشيوخ لجيل الشباب وتسليمهم بالامر الواقع..
* من جانب آخر وفي سياق الفكرة الرئيسية للعمل نعتقد ان دخول ملامح الحياة السياسية في نص المسرحية لم يكن ضرورياً، اذ انه لايضيف شيئآً يذكر للفكرة الرئيسية.
* وعلى الرغم من قولنا ان مسرحية قيس وليلى لم تكن التجربة الاولى للقمان في الكتابة المسرحية، الا ان المسرحية توجد. بها بعض الهنات او الثغرات فمثلاِ هناك فجوة زمنية بين احداث الفصل الاول ومايليه من فصول. فبعد ان يكون ابطال المسرحية الرئيسيين (مصطفى/ لندن/ يوسف.. وزملاءهم) في سن الشباب في الفصل الاول نجدهم من الفصل الثاني وحتى الرابع في منتصف العمر (رجالاً ناضجين) هذه الفجوة الزمنيةف يتقديرنا قد كانت بفعل اقحام المؤلف لملامح الحياة السياسية.

ثانياً: الجانب الفني:
* في مسرحية (قيسى وليلى) تتجلى ملكات وقدرات لقمان على الكتابة المسرحية، ولاشك ان تلك القدرات قد تكونت عنده من خلال الممارسة والمثابرة على كتابة النص المسرحي، هذا بالاضافة الى ان لقمان كان على قدر كبير من الثقافة والاطلاع على الادب العربي والاداب الاجنبية وبالذات الادب الانجليزي(21) وبديهي انه قد تأثر بهذ القدر او ذاك بما طالعه من اعمال مسرحية عربية واجنبية(22).
وفي النص الذي بين ايدينا نستطيع ان نلمس قدرات لقمان الفنية سواء من حيث تقنيات السرد المسرحي او من حيث تطويع الشعر ليتوافق مع متطلبات النص المسرحي.
* فعلى صعيد السرد المسرحي نجد المؤلف قد كان موفقاً في تصوير الجو العام الذي تدور فيه الاحداث، رغم الايجاز في وصف المكان الا ان ذلك الوصف جاء وافياً وينقلنا الى جو المسرحية.
اما الشخوص فعلى الرغم من ان المؤلف قد حشد لمسرحيته عدداً كبيراً من الشخصيات (حوالى 31 شخصية) الا انه قد كان موفقاً في توزيع تلك الشخصيات الى جيلين، فقد ساعده ذلك على تعزيز وتقوية فكرة الصراع بين الجديد والقديم.
* اما على صعيد الشعر وتوظيفه في المسرحية فاننا لانملك في هذا الصدد الا الاعتراف للقمان بشاعريته الفذة، اذ أن ماهو معروف عند كتاب المسرح على وجه الخصوص ان المسرح الشعري اصعب بكثير من المسرح النثري، ولايتصدى لمثل هذا النوع من الكتابة المسرحية الا شاعر مقتدر، وعلي محمد لقمان كان شاعراً كبيراً ومقتدراً ونجح في تجربة المسرح الشعري، فهو اولاً ملتزم باوزان الشعر التقليدية، على الرغم من ان له تجارب مبكرة في كتابة قصيدة النثر، (23*) الا ان التزامه بالاوزان الشعرية ليس صارماً، بمعنى انه لم يتخذ للشعر وزناً من بحر واحد بل نجده يتنقل من بحر الى آخر، وحسب ماتقتضيه طبيعة الحوار المسرحي، فحيناً يستخدم بحر الخفيف وحيناً اخر البسيط او الرمل والمجثت، لكن بحر الخفيف هو الطاغي على المسرحية.
اما القافية فهو لايلتزم بها كثيراً بل ينتقل من قافية الى أخرى حتى في الحوار الذي هو على بحر واحد. وهو على التزامه بالأوزان التقليدية الا ان طبيعة العمل المسرحي، والذي يشكل الحوار اهم اركانه تقتضي منه الخروج على نمط البيت الواحد المكتمل في سطر واحد، لذا نجده يجزىء البيت الواحد الى عدة اجزاء او تفعيلات، متكيفاً مع طبيعة الحوار. وحسب قناعتي ان ذلك التوزيع لتفاعيل البيت لم يكن المولف قاصداً منه كتابة الشعر الحر او شعر التفعيلة. اما عن الصورة الشعرية والتعبير المجازي واللذين هما من عناصر الشعر فان حضورهما في المسرحية محدود، أو حيثما تقتضي الضرورة ذلك، ففي اجواء الحب والعاطفة المشبوبة في الفصل الاول بالذات كان للصور الشعرية والتعابير المجازية حضورهما المميز. أما في اجواء الحديث عن السياسة والعوآئق الاجتماعية فقلما نجد لهما حضورآً، وهذا امر غير مستغرب وتفرضه طبيعة العمل المسرحي..

ملامح الرومانسية في المسرحية: –
* أشرنا في بداية هذا البحث الى اننا سنقف مع ملامح الرومانسية عند علي محمد لقمان فهو واحد من ابرز روادها وممثليها في ادبنا اليمني المعاصر.
ورومانسية لقمان قد نشأت عنده من خلال تأثره ببعض الشعراء الرومانسيين الانجليز مثل كوليردج، ورد زوث، وبعض الشعرآد العرب ايضاً، الا ان ذلك التأثر لايمنعنا من الاعتقاد بانه ميله نحو الرومانسية نشأ ايضاً بفعل الظروف الموضوعية للبيئة الاجتماعية التي عاش فيها الشاعر(24)، وذلك على عكس ماذهب اليه الاستاذ د. عبدالعزيز المقالح من ان الرومانسية في شعرنا اليمني كانت محاكاة صرفة لمثيلاتها في الادب العربي(25). ويمكننا ان ندلل على صحة ما نذهب إليه من خلال مسرحية «قيس وليلى»، فإذا ما اجرينا مقاربة بين بعض من خصائص وسمات التيار الرومانسي وبين تمثل تلك الخصائص او الاعتماد عليها في وضع المسرحية سنجد عدداً من تلك الخصائص والسمات قد ترجمها لقمان في مسرحيته بصورة او بأخرى. ومن ذلك:
أ- استلهام التراث:- يشكل استلهام التراث إحدى سمات التيار الرومانسي او مقومات الرومانسية (26)، وفي المسرحية نجد ان التراث قد كان حاضراً في ذهن لقمان وهو يضع مسرحيته، مع فارق ان استلهامه للتراث لم يأت بغرض استهاض الحاضر، وإنما جاء استلهامه في المسرحية بهدف التعبير عن التمرد عليه.
ب- التأكيد على العاطفة:- ايضاً من سمات الرومانسية إحلال العاطفة محل العقل في الاعمال الابداعية، وفي المسرحية يشكل الحب بين مصطفى ولندا الفكرة الرئيسية للعمل.
ج- التمرد على الأوضاع السائدة: هذه السمة ايضاً تجسدت في مسرحية لقمان، فالإصرار على الحب بين بطلي المسرحية والخروج على السائد والمألوف من العادات والتقاليد والقيم، قد جسد بصورة أو بأخرى سمة التمرد على الاوضاع السائدة..
د- الحرية:- تشكل فكرة الحرية احدى سمات الرومانسية أياً كانت تلك الحرية، حريةالمجتمع او حرية الفرد. وفي المسرحية عكس لقمان هذه السمة في الحرية الشخصية عند بعض شخوص مسرحيته.
كانت تلك مقاربة بسيطة ومحدودة لبعض من خصائص وسمات الرومانسية في عمل لقمان المسرحي (قيس وليلى) ، وهي مقاربة لاتفي بدراسة ملامح الرومانسية في شعر لقمان، اذ ان العمل الذي بين ايدينا محكوم بشروطه الفنية كعمل مسرحي. اما ملامح الاتجاه الرومانسي في شعر لقمان فهي اكثر بكثير مما سقناه من أمثلة. ولاشك أن هذا الجانب سيجد نصيبه من البحث والدراسة فيما سيقدم من ابحاث ودراسات الى هذا المهرجان..

* وخلاصة القول بعد قراءتنا للمسرحية، ان لقمان كان رائداً من رواد المسرح الشعري في ادبنا المعاصر، كما كان رائداً ايضاً في شعره وترجماته وكتاباته الصحفية والسياسية. ولا أظننا في هذا البحث المتواضع قد انصفناه، ولكن حسبنا اننا قد حاولنا تسليط الضوء على جانب من ابداعه وانتاجه الفكري، عسى أن يكون في ذلك مايحفز النقاد والباحثين لدراسة تراثه الفكري والابداعي.
——————————————————————————–
الهوامش:-
1- كانت آراء لقمان السياسية لاسيما تأسيسه للجمعية العدنية سبباً في الاهمال والجحود الذي لحقه، وانعكس ذلك حتى على دراسة ادبه. راجع: هشام علي/ المثقفون اليمنيون والنهضة/ الطبعة الاولى/2002م مكتبة الارشاد- صنعاء..
2- تجدر الاشارة الى ان هناك عدداً من الدراسات والكتابات الحديثة التي اتجه مؤلفوها نحو انصاف لقمان وتراثه الفكري والابداعي، ومنها كتاب الاستاذ هشام علي سابق الذكر، وكتاب الاستاذ عبدالرحمن خبارة (نشوء وتطور الصحافة في عدن) وكتاب الباحث نجمي عبدالمجيد (علي لقمان شاعر الوتر المغمور)..
3- كان لقمان اول من جرب كتابة المسرح الشعري في ادبنا المعاصر، وترجع محاولاته الاولى الى عام1941م. راجع: نجمي عبدالمجيد/ علي محمد لقمان شاعر الوتر المغمور/ الطبعة الاولى /2003م/ ا تحاد الادباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي للدراسات والنشر- صنعاء/ ص54.
4- د. عبدالعزيز المقالح/ الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر المعاصر في اليمن (الطبعة الاولى) 1974م/ دار العودة- بيروت/ ص108.
5- هشام علي/ مرجع سابق/ ص427.
6- سلطان ناجي/ دور فتاة الجزيرة في احداث عام 1948م في صنعاء/ الطبعة / / منشورات جامعة الكويت- الكويت/
راجع ايضاً: عبدالرحمن خبارة/ نشوء وتطور الصحافة في عدن 1967-1937م/ د.ط/ د. ت/ شركة الأمل للطباعة والنشر-د. ويرى الاستاذ خبارة ان فتاة الجزيرة اول صحيفة اسبوعية ليس على مستوى اليمن فحسب، بل والجزيرة العربية عموماً.
7- عدن ثغر اليمن.. الماضي -الحاضر- المستقبل (ندوة عقدتها جامعة عدن خلال الفترة 17-15 مايو 1999م) صدرت عن دار جامعة عدن في جزئين عام 1999 م، راجع: بحث د. احمد علي الهمداني (الحركة الادبية والثقافية والاندية – المراكز الادبية- الصحافة اليمنية- المطابع والمكتبات) الجزء الاول ص99-81.
8- عبدالرحمن خبارة/ المصدر السابق.
9- صدرت صحيفة (القلم العدني) عام 1954م وكانت اسبوعية ثم حلت محلها في عام 1963م صحيفة (الاخبار)، يومية، وظلت تصدر حتى تم ايقافها بعد الاستقلال في عام 1967م. راجع: عبدالرحمن خبارة.. المصدر الساق.
10- عبدالرحمن خبارة.. المصدر السابق.
11- نجمي عبدالمجيد.. المصدر السابق.
12- مؤلفات علي محمد لقمان:
(أ) المجموعات الشعرية
– الوتر المغمور/ مطبعة فتاة الجزيرة- عدن/ 1944م
– أشجان في الليل/ مطبعة فتاة الجزيرة- عدن/ 1945 م.
– أنات شعب
– هدير القافلة
– على رمال صيرة
– ليالي الغريب
– الدروب السبعة
– الوَّراد (باللهجة العدنية)
(ب) المسرحيات الشعرية:
– بجماليون (مطبعة فتاة الجزيرة – عدن/ 1948م
– قيس وليلى (مطبعة فتاة الجزيرة – عدن/ 1957م
– أدونيس او السلام على الارض
– الظل المنشود
– العدل المفقود
– سمراء العرب
– عنب من اليمن
(ج) المؤلفات الأخرى
– الحكم الذاتي او أحلام العدنيين
– رسالة حول صحيفة فتاة الجزيرة باللغة الانجليزية.
كما يذكر الاستاذ/ د. احمد علي الهمداني عنوان كتاب آخر من اصدارات مجلس عدن الثقافي بعنوان (انتصار الفكر) راجع عدن ثغر اليمن.. مرجع سابق.
13- تولى علي لقمان رئاسة مجلس عدن الثقافي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.. د. احمد علي الهمداني المصدر السابق.
14- تعتبر الجمعية العدنية اول حزب سياسي نشأ في عدن، غير ان البعض يعتبر الجمعية الإسلامية الكبرى، والتي تأسست قبلها بعدة اعوام اول حزب نشأ في المنطقة.، وتجدر الاشارة إلى ان الجمعية العدنية حُلت في عام 1954م وتأسس بدلاً عنها حزب المؤتمر الشعبي.. راجع عبدالرحمن خبارة.. مصدر سابق.
15- عبدالرحمن خبارة.. مصدر سابق.
16- عبدالرحمن خباره.. مصدر سابق
17 سعيد عولقي/ سبعون عاماً على المسرح في اليمن/ منشورات وزارة الثقافة والسياحة- عدن.
وكذا مجلة الحكمة الاعداد (25, 24, 23) 1973م وفيها دراسة في ثلاث حلقات تحت عنوان (الحركة المسرحية في اليمن، اعدتها وزارة الثقافة والسياحة- عدن بالاشتراك مع لجنة الدراسات في ا تحاد المسرحيين اليمنيين.
18- مجلة الحكمة العدد (24) اغسطس 1973م (الحركة المسرحية في اليمن)( وتشير الدراسة الى اعتماد المسرح في بداياته على نصوص مترجمة من الادب الانجليزي والادب الهندي.
19- نجمي عبدالمجيد.. المصدر السابق.
20- ممن ارتادوا المسرح الشعري في اليمن د. محمد عبده غانم، وعلي احمد باكثير غير اصداراتهما من المسرح الشعري لم تصل الى نفس ماوصلت اليه عند لقمان.
21- عرف عن لقمان اطلاعه الواسع على الادب الانجليزي، وقد ترجم لابرز شعراء الانجليز الرومانسيين (كوليردج، ورد زوث).
22- يتضح تأثره بالآداب الاوروبية من خلال وضعه لمسرحية (بجماليون) والتي يشير في مقدمتها الى العملين اللذين حملا نفس الاسم لبرناردشو وتوفيق الحكيم، ويرى الأستاذ عبدالله باذيب ان لقمان تأثر بشعر شوقي وحافظ وايليا أبي ماضي، ولا نشك ان من نتائج ذلك التأثر بشوقي، وبالذات مسرح شوقي..
راجع: د. احمد علي الهمداني.. مصدر سابق.
23- نجمي عبدالمجيد.. المصدر السابق.
24- كانت الظروف في عدن بما يعتمل فيها من تحولات وتناقضات وصراع بين القديم والجديد من العوامل التي أدت الى ميل عدد من الشعراء نحو الرومانسية. هذا بالإضافة الى ما أسهم به النقد الأدبي والذي ظهر في عدن منذ عشرينات القرن الماضي. راجع: عبدالفتاح الحكيمي
25- د. عبدالعزيز المقالح.. المصدر السابق
26- د. محمد غنيمي هلال: الرومانتيكية/ دار العودة- بيروت.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: